د. حسن بيلاني
كلية الهندسة المدنية – جامعة حلب
الملخص
اتصف علم الفلك في التراث العلمي العربي بالمنهجية العلمية التي تمثلت بأسس نظرية متكاملة و تقانة متقدمة من حيث الآلات والمراصد. ويظهر أثر الحضارة العربية والإسلامية من خلال مقارنة ما استلمته من إرث فلكي من الحضارات السابقة مع ما صدرته لمن تلاها كماً ونوعاً. لذلك يمكن القول بأن العلماء العرب والمسلمين لم يكونوا ناقلين بل مبدعين. فالآلات الدقيقة التي ابتدعوها ساعدت على القيام بقياسات بالغة الدقة في ذلك العصر ولعل ما توصل إليه البتاني من حساب طول السنة الشمسية بدقة مدهشة -أقل بدقيقتين فقط عن المعروف حالياً- لهو خير دليل على ذلك.
علم الفلك اليوم في العالم الإسلامي يمثل مجالاً ثقافيا أكثر مما يمثل علماً، ويتجلى ذلك في تحديد أوقات العبادات والمناسبات والأعياد. ومع ذلك تراجعت أهمية هذا العلم في العالم العربي لأسباب، منها غياب تدريسه في المؤسسات التعليمية وافتقار المكتبات للمراجع الفلكية وعدم انتشار ما يعرف بالقبة الفلكية وندرة المتاحف الفلكية التراثية. إلا أن هذه الأسباب بدأت بالانحسار مع دخول الحاسوب هذا الميدان وتطور الاتصالات. وترافق ذلك أيضاً مع نشوء الجمعيات الفلكية العربية التي شكلت نواة لإنشاء الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك ووكالة الفضاء العربية.
في هذا البحث نستعرض علم الفلك في التراث العلمي العربي بوصف وتحليل يتناولان خصائصه وأدواته وآلاته ومؤسساته، ومن ثم واقع علم الفلك في العالم العربي وآفاق تطويره.