إنها ظاهرة جميلة وممتعة وتبهج الناظرين، ولكن الناس نسجوا حولها الأساطير والخرافات، فجاء الإسلام قبل علماء وكالة ناسا ب 14 قرناً ليؤكد بأنها مجرد ظاهرة وآية من آيات الله....
مما لفت انتباهي تصرح لأحد علماء الفلك وهو "روبرت ماسي" من المجمع الفلكي في بريطانيا، يقول فيه: "لا نعتبر هذه الظاهرة ذات قيمة فلكية إلا أن العديد من الناس يستمتعون بمشاهدتها". هذه النتيجة وصل إليها هذا العالم بعد سنوات طويلة من مراقبة هذه الظاهرة ودراستها دراسة دقيقة.
ولكن قبل قرون قليلة كان الناس يعتبرون أن كسوف الشمس وخسوف القمر من الظواهر المخيفة، فكانوا يظنون عندما تنكسف الشمس أن تنيناً ابتلعها، أو أن عظيماً مات، أو أن حدثاً خطيراً سيحدث. وغير ذلك من الأساطير التي لا تقوم على أساس علمي.
ويعتبر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام أول من وضع أساساً علمياً لهذه الظاهرة (أي كسوف الشمس والقمر)، فقال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى وإلى الصلاة) [متفق عليه].
ونستطيع من هذا الحديث النبوي الشريف أن نستنتج أن ظاهرة خسوف القمر ليست ذات قيمة أو تأثير على البشر أو مستقبلهم، بل هي مجرد ظاهرة كونية سماها النبي الأعظم (آية من آيات الله)، وهذه الظاهرة تدل على قدرة الخالق وعظمته ودقة صنعه.
كيف يحدث خسوف القمر؟
هذه العملية نفهمها اليوم بغاية البساطة، بينما كانت في الماضي من الأسرار الخفية للكون حيث كان الناس يعتقدون أشياء لا أساس لها من الصحة، فكانوا ينسبون هذه الظواهر للآلهة، مثل أي شيء غريب يعجزون عن تفسيره فينسجون الأساطير حوله.
لقد بينت الأبحاث العلمية في العصر الحديث أن كسوف القمر أي اختفاء القمر لفترة من الزمن ناتج عن وقوع الأرض بين الشمس والقمر فتحجب الأشعة المنعكسة عن القمر فنظن أن القمر اختفى ولا يُرى منه إلا آثار بسيطة. ويحدث الكسوف للقمر دائماً عندما يكون القمر بدراً.
إن كسوف القمر يحدث مرة على الأقل في كل عام، وعند حدوث الكسوف الكلي للقمر يمكن رؤيته بسهولة من أي مكان على الأرض بشرط أن يكون في الجهة المقابلة للقمر. والعجيب أن الذي يجلس على القمر في هذه اللحظة أي لحظة كسوف القمر فإنه يرى كسوف الشمس! أي أنه لن يرى الأرض ولكن يرى ظلها لأن الشمس تقع خلفها. وسوف تظهر الأرض من على القمر محاطة بحلقة حمراء رائعة!
(وكل في فلك يسبحون) هذه الحقيقة العلمية والقرآنية هي المسؤولة عن ظاهرة خسوف القمر، فعندما تقع الأرض بين الشمس والقمر أثناء دوران القمر حولها، تحجب ضوءه ويظهر كقرص متوهج بلون نحاسي محمر، هذا هو خسوف القمر.
تبلغ سرعة القمر خلال الكسوف حوالي 1 كيلو متر في الثانية، ويستمر الكسوف لمدة مئة دقيقة عادة. إن القمر يبدو خلال الكسوف الجزئي مثل قرص من النحاس العتيق. ويظهر عليه شيء من التوهج بسبب أن الغيوم والغبار في الجو تعترض طريق الأشعة القادمة من القمر وتبددها فيظهر لنا هذا التوهج.
إن درجة حرارة سطح القمر المضاء بالشمس تبلغ أكثر من 130 درجة مئوية أي إذا وضعنا الماء فسوف يغلي مباشرة! وعندما تعترض الأرض أشعة الشمس الساقطة على القمر فتحجبها تماماً تنخفض درجة الحرارة على سطح القمر إلى ما دون -99 درجة تحت الصفر، وهذا يعني أنه في غضون الساعة والنصف وهي مدة الكسوف تقريباً يعاني سطح القمر من تغير في درجة حرارته بحدود 229 درجة مئوية!
صورة رائعة لخسوف القمر يظهر فيها بلونه النحاسي المتوهج.
ويمكن القول أخيراً إن النظر إلى القمر أثناء الخسوف هو عملية آمنة ولا تضر العين، بعكس النظر إلى كسوف الشمس الذي يعتبر خطيراً جداً ومؤذياً للعين. أخي القارئ لا يمكننا عندما نرى هذه الظاهرة الجميلة إلا أن نقول: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران: 191].